في قلب شمال إفريقيا، حيث الرمال تمتد بلا نهاية، وقسوة الطبيعة لا ترحم، وقعت واحدة من أغرب الهزائم العسكرية في تاريخ الإمبراطورية الرومانية… هزيمة لم تكن بسيوف الأعداء، ولا بحصارٍ خانق، بل بهجوم صامت قاتل، شنته كائنات صغيرة ولكن فتاكة: الأفاعي!
حملة رومانية نحو الجنوب
في أواخر القرن الأول قبل الميلاد، وبعد سقوط قرطاج، بدأ الرومان في تثبيت سيطرتهم على مناطق شمال إفريقيا، خاصة في ليبيا وتونس الحالية. قاد أحد الجنرالات الرومان – والذي يُرجّح أن يكون ماركوس كراتوس – حملة عسكرية ضخمة للتوغل في عمق الصحراء الليبية، سعيًا للسيطرة على أراضٍ جديدة، ولقمع بعض القبائل المحلية المتمردة.
الجيش الروماني كان مدربًا ومنظمًا، لكنه لم يكن يعرف أن عدوه الحقيقي لم يكن بشرًا… بل كان مختبئًا تحت الرمال!
صحراء فيزان… وفخ الطبيعة
عندما دخل الجيش الروماني ما يُعرف اليوم بـ”صحراء فزّان”، بدأ الجنود يعانون من حرارة الشمس الحارقة، ونقص المياه، وشحّ الطعام. لكن التهديد الأكبر لم يأتِ من فوق الأرض، بل من تحتها.
ففي هذه المنطقة تعيش أعداد كبيرة من الأفاعي الصحراوية السامة، مثل:
- أفعى قرن الصحراء (التي تندمج تمامًا مع الرمال)
- الكوبرا الصحراوية
- الأفعى النفاثة الخطيرة
وبسبب حرارة الجو، خرجت الأفاعي ليلًا ونهارًا بحثًا عن الظل أو الحركة، لتفاجأ بمخيمات الجنود الرومان النائمين على الرمال مباشرة.
النتيجة كانت كارثية.
سموم تفتك بجيش كامل
تعرض الجنود لهجمات متتالية من الأفاعي، وقُتل المئات في أيام قليلة. لم يكن هناك ترياق، ولم يكن لديهم خبرة بالتعامل مع هذه الكائنات. الجراحون في الجيش كانوا عاجزين، والخوف والهلع سيطرا على البقية.
حتى أولئك الذين لم تلدغهم الأفاعي، بدأوا ينهارون نفسيًا من شدة التوتر، إلى جانب العطش والجوع.
انسحاب مهين من قلب الرمال
بعد خسائر فادحة، اضطر القائد الروماني إلى إصدار الأمر بالانسحاب، تاركًا خلفه عددًا كبيرًا من القتلى وسط الرمال. فشلت الحملة، ولم يتمكن الرومان من العودة إلى هذه المناطق الصحراوية مجددًا إلا بعد سنوات طويلة، وبعد اتخاذ احتياطات قاسية ضد الطبيعة القاتلة.
كتب أحد المؤرخين الرومان في وصف تلك الحملة:
“لقد انهزمنا أمام جيش من الزواحف… قاتلونا بلا سيوف، بلا كلمات، فقط بسمٍّ يذوب في الجسد كما يذوب الجليد في الشمس.”
الدرس: الجغرافيا أقوى من الجيوش!
هذه القصة تبقى مثالاً تاريخيًا مذهلًا على أن الجغرافيا ليست مجرد تضاريس على الخريطة، بل هي قوة قادرة على تغيير مسارات التاريخ. فالمعرفة بطبيعة المكان، والمخاطر الكامنة فيه، قد تكون أهم من عدد الجنود والأسلحة.
ففي النهاية، انتصرت الأفاعي على روما!